(انظر الملحق 1/ صفحة 54)
الرئيـــــــــــــــــس:
سنبدأ بمناقشة المبادئ والأسس العامة لمشروع القانون، تفضل الأخ مقرر اللجنة.
العضو الدكتور أحمد سالم العريض:
شكرًا سيدي الرئيس، التقرير الرابع عشر للجنة الشؤون التشريعية والقانونية حول مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم (26) لسنة 2005م بشأن الجمعيات السياسية، (المعد في ضوء الاقتراح بقانون المقدم من مجلس الشورى). ناقشت اللجنة مشروع القانون موضوع الدراسة والبحث، واطلعت على قرار مجلس النواب ومرفقاته بشأنه، وتبودلت وجهات النظر بين أعضاء اللجنة، والمستشار القانوني للمجلس، وبناءً على الأسس والمبادئ التي بـُني عليها مشروع القانون، فقد انتهت اللجنة ــ بأغلبية أعضائها الحاضرين ــ إلى التوصية بالموافقة على مشروع القانون؛ وذلك للأسباب التالية: 1ــ يتكون مشروع القانون ــ فضلاً عن الديباجة ــ من ثلاث مواد، فالمادة الأولى استبدلت نص البند (6) من المادة (6) بإضافة شرط في اختيار قيادات الجمعية السياسية، على ألا يكونوا من رجال الدين أو المشتغلين بالوعظ والإرشاد والخطابة، وأضافت المادة الثانية بندًا جديدًا برقم (6) إلى المادة (5) من قانون الجمعيات السياسية، الذي اشترط في العضو المؤسس أو العضو الذي ينضم إلى الجمعية السياسية ألا يجمع بين الانتماء للجمعية واعتلاء المنبر الديني أو الاشتغال بالوعظ والإرشاد ولو بدون أجر، أما المادة الثالثة فقد جاءت تنفيذية.2ــ إن مشروع القانون يستهدف تعديل القانون رقم (26) لسنة 2005م بشأن الجمعيات السياسية؛ بغية النأي بالمنبر الديني عن استغلاله من قبل البعض للترويج للأفكار السياسية أو التنظيم السياسي الذي ينتمي إليه، من أجل الوصول إلى منافع شخصية وذلك على حساب استقرار البلد ومصالحه، وبخاصة أن التعديل الذي جاء به القانون رقم (34) لسنة 2014م بتعديل بعض أحكام القانون رقم (26) لسنة 2005م بشأن الجمعيات السياسية ــ الذي حظر على الجمعية أن تستخدم المنبر الديني للترويج لمبادئها أو أهدافها أو برامجها أو بصفته مرجعية لها ــ أصبح غير كافٍ لمنع استغلال الدين وتأويل أحكامه بالحق أو الباطل لخدمة مصالح سياسية بعيدة عن الشريعة. 3ــ ترى اللجنة ضرورة وجود قانون ينظم العمل السياسي، وبخاصة أن عددًا من رجال الدين انخرطوا في السياسة متناسين مهمتهم الأساسية المتمثلة في الوعظ والإرشاد؛ لذا تبرز الحاجة إلى هذا التعديل للحد من استغلال المنبر الديني واستخدامه وسيلةً للترويج للأفكار السياسية المتطرفة. 4ــ إن الغاية من مشروع القانون ليست الحد من الحريات بقدر ما يسعى إلى تنظيم الخطابة الدينية وفق قواعد وإجراءات محددة ومنظمة تقتضيها المصلحة العامة، كما أن مشروع القانون يترك الخيار لرجال الدين باختيار البقاء في المنبر الديني أو مباشرة العمل السياسي. 5ــ إضافة إلى ما تقدم فإن القانون رقم (26) لسنة 2005م بشأن الجمعيات السياسية قد نص صراحةً على الفصل بين الانتماء إلى أي جمعية سياسية وبين العمل في بعض المهن، وهو ما ورد في البند الخامس من المادة (5) من القانون، التي نصت على أنه «يشترط في العضو المؤسس أو العضو الذي ينضم إلى الجمعية بعد إعلان تأسيسها، الشروط الآتية: ... 5ــ ألا يكون من المنتسبين إلى قوة دفاع البحرين أو الحرس الوطني أو أجهزة الأمن التابعة للدولة، وألا يكون من رجال القضاء أو النيابة العامة أو من أعضاء السلك الدبلوماسي أو القنصلي»، وعليه فإن ما جاء به مشروع القانون من منع رجال الدين من الجمع بين المنبر الديني والعمل السياسي لا يـُعد تمييزًا، وبذلك تتفق اللجنة مع رأي الحكومة القاضي بعدم وجود شبهة بعدم الدستورية؛ فالمادة (27) من الدستور نصت على حرية تكوين الجمعيات والنقابات، على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية، مكفولة وفقـًا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، بشرط عدم المساس بأسس الدين والنظام العام، وعليه فإن هذا النص الدستوري وإن كفل حق تكوين الجمعيات والنقابات إلا أن ممارسة هذا الحق تكون في الحدود والأوضاع والضوابط التي يضعها المشرِّع بما يكفل عدم المساس بأسس الدين والنظام العام. 6ـ إن اللجنة وبعد الاطلاع على التعديلات التي أجراها مجلس النواب الموقر على مشروع القانون ارتأت الأخذ بتلك التعديلات التي أُجريت عليه؛ بغية تحقيق الهدف الأساسي لمشروع القانون والمبادئ التي استهدفت منع رجال الدين من التأثير في العمل السياسي واعتلاء المنبر الديني، وما تقتضيه الضرورة والمصلحة العليا للاستقرار السياسي في البلد. في ضوء ما دار من مناقشات وما أبدي من آراء أثناء دراسة مشروع القانون، فإن اللجنة توصي بما يلي: 1ــ الموافقة على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم (26) لسنة 2005م بشأن الجمعيات السياسية. (المعد في ضوء الاقتراح بقانون المقدم من مجلس الشورى)، من حيث المبدأ. 2ــ الموافقة على مشروع القانون، وذلك على التفصيل الوارد في الجدول المرفق. والأمر معروض على المجلس الموقر لاتخاذ اللازم، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، هل هناك ملاحظات؟ تفضل الأخ عادل عبدالرحمن المعاودة.
العضو عادل عبدالرحمن المعاودة:
شكرًا سيدي الرئيس، بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. في الحقيقة أذكر مداخلات بعض الإخوة حول تعليقي على قانون الـ(سيداو)، الذين قالوا إنه غير متوقع، وسأوجه اليوم كلمة ــ هي ليست بشأن هذا القانون ــ إلى من ينظر دائمًا إلى القوانين نظرة سوداوية قاتمة، أنا ضد تصنيف الناس إلى رجال دين ورجال دنيا، فليس عندنا في الإسلام كهنة، وليس الإسلام هو الانكفاء في محراب المسجد، بل الإسلام دين دولة، ودين عبادة، ودين الشمولية في الاعتدال بدون أن يطغى جانب على آخر، والظن في الجميع أنهم جميعًا حريصون على دينهم، طبعًا كل بحسب فهمه، لذلك يجب حسن الظن، وقد بينت رأيي تمامًا وهو مسجل ــ وأنا مازلت على ذلك الكلام ــ ولديّ اليوم إضافة، وهي: أقول للذين يريدون أن يرفعوا درجة التخويف هونًا، يجب أن نعلن أننا لسنا أحرص على ديننا من قيادتنا، وقد سمعنا مرارًا وتكرارًا أنه لا يُقبل المساس بالدين، بل أظن أننا جميعًا إن وجدنا ديننا يومًا سيمس لن نقبل بذلك. هناك جوانب لتنظيم العمل السياسي، وأنا شخصيًا ــ كما قلت ــ عندي ملاحظات، يجب عدم التهويل، فهذا القانون لا يمنع متدينًا من العمل بالسياسة، وهذا واضح ويجب عدم اللبس والتشويش، هذا القانون يمنع المتصدر للشأن الديني واعتلاء المنبر أن يجمع مع ذلك عضوية جمعية سياسية، هناك جانب إيجابي يجب أن ننظر إليه، وهو حماية المساجد من أن تكون محل صراع سياسي قد يجر إلى صراع طائفي، لأن الطائفية رأيناها قد مورست ممارسة قوية فيما يخص حتى خدمة الناس، فما دخل حياة الناس في هذه الدائرة أو تلك الدائرة بمذهب هذا الشخص أو ذاك؟! سواء عند تنظيم شارع أو موقف سيارات، فهذا المرض موجود ولا نستطيع أن نتغافل عنه، ولكن يجب علينا ــ نحن من ندافع عن الدين ــ أن ندافع عن القرآن أولاً، وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا، وبخاصة أن الجمعيات السياسية تختلف، فهناك الصغيرة وهناك الكبيرة ذات الامتداد الكبير، أو تلك التي تشبه الدكاكين، فهي مختلفة، ولا نريد أن نغفل ذلك، بل هناك جمعيات سياسية ذات امتداد عالمي، والقرار فيها ليس داخليًا، ولا أخص جمعية بعينها، فكل جمعية لها امتداد خارجي ومرجعية خارجية يجب ألا تكون في عرف سياستنا، فسياستنا هنا، وقيادتنا هنا، نختلف هنا، وننتقد هنا، ونتصافى هنا، أما أن يأتينا القرار من القائد الأعلى أو المرشد الأعلى أو غيرهما من هنا أو هناك فهنا تكمن الخطورة، وهي أن القرار هنا لن يكون قرارًا بحرينيًا، إذا كان القرار بحرينيًا فسنتحمله، أنا وأخي سنتحمل واقعنا. لذلك أقول ــ بدون مجاملة ــ ماذا رأينا من قيادتنا في المحافظة على أمننا وراحتنا؟ صحيح أن لدينا اختلافات كثيرة لا نستطيع ذكرها الآن، وصحيح أننا ننتقد أسلوب الصرف، وننتقد أسلوب الاقتراض، وننتقد أساليب كثيرة في الدولة، ونرى كذلك أن هناك مجالات كثيرة للإصلاح، وخاصة في معيشة الناس ويجب الاهتمام بها، ولكن هذا الإصلاح يجب ألا يمس الكيان والأمن والاستقرار والنظام السياسي في البلد. أقولها وبكل جرأة للجميع: الدين لا يُمنع، الدين لا يُمنع أبدًا، الدين متجذر في حياة الناس، والذي يريد العمل في السياسة سوف يعمل فيها، ولكن يجب أن نضع بعين الاعتبار أن حماية المساجد ضرورية، لأنها المكان الذي فيه السكينة، وفيه الألفة، وفيه المحبة، ونحن أول من يرفض أن تُجعل المساجد مكانًا للصراعات السياسية. وأنا أيضًا أعتبر من ذلك الصنف من الرجال، وأنا أول من ينصاع لهذا القرار، وأول من ألتزم به، وإن كنت قد أبديت معارضتي، ولكن ــ مع ذلك ــ أحترم ما تقره الدولة لتنظيم التعامل في المجتمع. قد يقول قائل لا يجوز ذلك! القضية ليست قضية حلال أو حرام، هذا تنظيم عمل، وأنت مخير. لذلك أقول لمن يحاول أن يصور هذا القرار بأنه حرب على دين، أقول له: لا، هو حرب على من يستغل الدين، هو حرب على من يجعل البلد رهن تنظيم معين، وأعتقد أننا يجب أن نقف صفًا واحدًا ضد من يريد أن يخرب في البلد. قد لا أوافق على التعبير، قد لا أوافق على القانون، ولكني أرفض أن يتصور أن البلد أو المجلس يحارب الدين، هذا غير صحيح، ولن يُحارَب الدين، ولن نبقى في المجلس إذا كان يُحارِب الدين. قد يقول قائل: وقفتك التاريخية ضد الـ(سيداو)! والله لن يتغير من كلامي حرف، أنا ضد اتفاقية الـ(سيداو)، وضد الموافقة عليها، وضد التغيير، ولكن مع ذلك أقول أنا «ضد» من باب الاحتياط. لا أقول أنني وحدي من سيحافظ على الدين، بل الذي أكبر مني وأهم مني هو الذي تقع عليه مهمة المحافظة على الدين، وحتى المسؤولين الذين دافعوا عن الاتفاقية، لا يقصدون محاربة الدين ولا يقصدون هدم الدين؛ لديهم اتفاقيات وضغوط، ولكن لديهم أيضًا قناعات بأن ما وضع هو كافٍ، وهذا مجرد اختلاف في الآراء. لذلك أنا لا أتكلم عن القانون لأن رأيي واضح فيه، وكان بودي تجنبه، ولكن أقول أيضًا إنه ليس منعًا للمتدين من العمل بالسياسة، ولا تخافوا أيها المتدينون، ولكن القصد ألا يجمع الفرد بين عضوية جمعية سياسية وبين تصدُر الشأن العام واستغلال المنابر، وأعتقد أن هذا ليس صعبًا، أستطيع ألا أكون منتميًا إلى جمعية سياسية وأشتغل في السياسة. ولكن الخطورة من جمعيات يترأسها أُناس يقودون الشارع باسم الدين وباسم الإيمان، ومن يخالفهم يعتبر كافرًا ومرتدًا، حتى يُجعل دخول الجنة عن طريق بوابة هذا الحزب أو هذه الجمعية الإسلامية، وهذا لم يأتِ به دين ولا إسلام ولم يقُله عالم يعرف أبجديات الدين. وإذا كان الأمر هكذا فأعتقد أن هذا لا غبار عليه، ويجب علينا أن نعلن سياستنا وولاءنا وانتماءنا لبلدنا. هذا القانون ــ شئنا أم أبينا ــ ينظم عملنا فقط، ولا يدخل في تنظيم ديننا، ونحن لدينا القاعدة التي تقول: (ما وافق شرع الله أطعناه)، وعندنا إيمان أيضًا ــ بلا مجاملة ــ بأننا جميعًا نحب الدين ابتداءً من جلالة الملك حفظه الله ووفقه وانتهاءً إلى أدنى شخص فينا؛ بل أقولها بكل صراحة إنه حتى إخواننا وأخواتنا المخالفين لنا في الدين ــ ولا أتكلم عن المذهب ــ ما رأينا منهم غير الاحترام والتقدير لنا ولديننا ولعقيدتنا. وأقول إننا ــ إن شاء الله ــ للبحرين ولن نقبل من أي كائن كان أن يمس بلادنا بسوء. ونصيحتي الأخيرة: ألا نأخذ دروسًا مما حصل من الفوضى والتخلف الاقتصادي والعلمي والاجتماعي الذي حدث لمن اتبع الأجندات الخارجية في بلاده؟! الحمد لله، وجزاكم الله خيرًا، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل الأخ خميس حمد الرميحي.
العضو خميس حمد الرميحي:
شكرًا سيدي الرئيس، قبل أن أقول ما في جعبتي من ملاحظات أشيد بمداخلة الأخ عادل المعاودة. قيل سابقًا: (لا يُفتى ومالك في المدينة)، وأعتقد أن ما تفضل به الأخ عادل المعاودة في مجلسكم يغني عن كل ما سوف نقوله. لا شك في أن اللغط الذي أثير في الفترة الأخيرة بخصوص هذا المشروع غير مبرر، وخصوصًا ما قيل عن أن هذا المشروع يحد من الحريات العامة. وأعتقد أن هذا المشروع هو مشروع تنظيمي أكثر من أنه حد للحريات. ولذلك ــ كما تعلمون ــ إذا أراد رجل الدين منبر الخطابة فهو حر في منبر خطابته، ولا أحد ينازعه في هذا الحق، ولكن الخلط بين المنبر الديني والجمعيات السياسية هو الذي سيكون تحت مظلة هذا القانون، وهذا القانون وضع من أجل هذا. لذلك أرى أن الكلمة الجامعة التي تفضل بها زميلنا الأخ عادل المعاودة كافية ووافية عما نود أن نقوله، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل الأخ السيد ضياء يحيى الموسوي.
العضو السيد ضياء يحيى الموسوي:
شكرًا سيدي الرئيس، بسم الله الرحمن الرحيم، أعتقد أن مشروع القانون جاء في الوقت المناسب من أجل أن يُصلح مسيرة حقيقية. وأعتبره جزءًا من ثورة فلسفية بنيوية للقانون البحريني بشأن قضية الجمعيات السياسية. وهو يأتي في ظل قناعة بالنسبة لي شخصيًا وقناعة كثير من الشخصيات في البحرين وخارجها. اليوم نحن بحاجة إلى فصل الدين عن السياسة ــ أقولها بكل وضوح وصراحة ــ من أجل الحفاظ على الدين، ومن أجل الحفاظ على الإسلام، ومن أجل الحفاظ على الشريعة الإسلامية؛ بدون أي ديكور، وبدون أي مجاملات نقول: لكي نحفظ الدين يجب أن نفصله عن السياسة. أُسِست الدولة لتكون جهازًا إداريًا يقوم على تعديل وتنظيم العلاقات المجتمعية والسياسية والاقتصادية في أي بلد، فما هو الرابط بين إدارة الدولة والدين؟ هي القيم. المنظومة القيمية لكل البشر تقوم على عدة مسائل، مثل: المساجد والمآتم ودور العبادة والكنائس...إلخ؛ ولكن عندما نُدْخِل الدين في السياسة، يدعي هذا الشخص الذي يُدخل الدين بالسياسة أنه يمتلك احتكار الحقيقة، وهنا تكمن المشكلة؛ عندما أختلف معه في أي مسألة عادية في المجتمع، هو من يكون له الحق في أن يكفرني أو أن يصفني بالإيمان، هو الذي يحدد عن طريقه صكوك الغفران، كما حدث في القرون الوسطى في أوروبا. الإصلاح الديني في القرن السادس عشر في أوروبا أسس لبداية ثورة كبيرة، ثورة صناعية وثورة علمية إلى أن وصلت أوروبا إلى ما وصلت إليه الآن من تطور وحضارة. وفي العالم العربي والإسلامي سنظل ــ للأسف الشديد ــ نقدم رِجلاً ونؤخر أخرى، إما خوفًا من المجتمع وإما خوفًا من رجال الدين، لأن المجتمع أُوهِم بأن من يفصل الدين عن السياسة فهو ضد الدين، وعلى العكس تمامًا، من يحب الدين يجب أن يفصل المدَنس عن المقدس؛ الدين تقديس، مهما كانت الظروف فإن الدين يبقى ضرورة حياتية وسيكولوجية ومجتمعية لكل البشر في هذا الوجود؛ لذلك نحن ضد الأصولية، والعلمانية أيضًا، التي تدعي أن لا وجود لله سبحانه وتعالى. ولذلك نقول كيف يمكننا أن نسحب هذه الورقة من الجمعيات السياسية بشتى صورها؟ لا أحد يدعي أنه الملاك في هذا الوجود، أي جمعية سياسية أو جمعية دينية تدعي وتريد الارتباط بالسياسة فهي تدعي احتكار الحقيقة، وبالتالي ستؤدي إلى إشكالية كبيرة، وهذا ما عشناه في أيام كثيرة وصور مختلفة أثناء ما حدث في العالم العربي وما يسمى «الربيع العربي»، فقد أفسدت وخربت كثير من هذه البلدان عندما أُدخل الدين في السياسة، فأصبح هذا يرى الآخر طاغوت وهذا يرى السقوط ...إلخ، وأدى ذلك إلى الخراب. وعليه يجب أن نحدد مرادنا، إما دولة مدنية وإما دولة دينية، لا يمكن أن نجعلها دولة دينية ودولة مدنية في الوقت نفسه. دلوني على دولة دينية في العالم هي دولة مدنية! لابد أن يكون هناك مرشد أو غيره، بصور مختلفة، لدينا إخوان مسلمين، لدينا ولاية فقيه...إلخ، ويؤدي ذلك إلى الخراب شئنا أم أبينا؛ لكن الدولة المدنية هي الصحيحة. ولذلك أعتبر مشروع القانون يؤسس لثورة فلسفية من أجل إيصال المجتمع ومن أجل تنظيم العلاقات ما بين الجمعيات وحثهم على فصل الدين عن السياسة للحفاظ على الدين وترك السياسة للإدارة، لأن السياسة في النهاية هي «برجماتية»؛ هناك مصالح، وهناك كما يقول «ميكافيلي» في كتابه الأمير: «الغاية تبرر الوسيلة»، أما في الدين لا، لأن الدين قيم، الدين روح، الدين مُثل، الدين ليس فيه لعبة تُلعب تحت الطاولات، الدين يدعوك إلى علاقة مع ربك، وليس لأحد أن يكون عليك رقيبًا بينك وبين الله، أو أن يحدد علاقتك مع الله، وهذه إشكالية كبيرة، لأن هناك من يدّعون أنهم حراس العقيدة، هم الدين، وعندما نريد أن نتحدث عن الدين بأي صورة من الصور يخرج علينا أحدهم ويقول لنا: أنتم ضد الإسلام، أنتم ضد الدين، أنتم علمانيون، صور مختلفة لإرعاب أي مثقف، وأي مفكر وأي مجتمع عندما يُطرح هذا الطرح. لنكن واضحين وبكل صراحة أين يُحفظ الدين؟ أنا أقول يحفظ الدين في أوروبا، رغم العنصرية المتطرفة من بعض المتطرفين، ولكن بإمكانك أن تقيم مسجدًا، وأن تقيم مأتمًا، وأن تقيم كنيسة، وهنالك حراس يحرسونك أيضًا، لماذا؟! لأنهم فصلوا الدين عن السياسة. الدين ليس معناه أن «تُمذهب» الدولة أو تضع «إيديولوجية» لها؛ الدولة إدارة، مادامت المسألة متعلقة بالمواطنة فالمواطنة تعني عدم الأدلجة. أنا مواطن ومن حقي أن أقوم بأي شيء وفق القانون، يمكنني أن أشغل أي منصب، أن أعبر عن رأيي وفق القانون، وليس هناك علاقة بالمذهب ولا بالعقيدة، وهذا ما هو موجود في أوروبا، وهذا ما جاء به «نيتشه» و«ميشيل فوكو» وكل هؤلاء المفكرين والفلاسفة، والدين أيضًا عندما يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «أنتم أعرف بدنياكم». يا أخي ما دخل الدولة في ذلك؟! إذا كنت سأشتري طائرة فهل أجعلها طائرة إسلامية؟! والآلة إسلامية! والكرسي إسلامي! و(إنترنت) إسلامي! أسلمت المجتمع بهذه الطريقة هي التي ضيّعت الدين، وحوّلت الدين ــ كما يقول الدكتور حسن حنفي ــ إلى (سوبرماركت)، كلٌ أتى ليصور الدين بصورة أخرى. هناك ثوابت في الدين لدى جميع الأديان، صلاة وصوم وزكاة... إلخ، هذا محل ثبات، أما في القضايا السياسية من أعطى الحق لشخص ما من هذا المذهب أو من ذاك المذهب بأن يُصبح وصيًا عليّ أو على المجتمع بأن يسيرنا في أن نذهب يمينًا وشمالاً، يريد منا المقاطعة أو المشاركة، نشارك في سوريا أو نشارك في مكان ما... إلخ. ليس لأحد الحق في ذلك. إن كنت تحترم دولتك فيجب
أن تدعو إلى المدنية، ولا يمكن أن يكون هناك شعار حقيقي ــ وليس انفصاليًا ــ عندما أدعو إلى الدولة المدنية، لكن بمرجعية دينية! كيف يحصل ذلك؟! يجب أن يكون هناك إما دولة دينية وإما دولة مدنية، والدولة المدنية ليست لها علاقة بقضايا المذاهب وما إلى ذلك. هنا أقول بكل وضوح إن هذا القانون يجب ألا يخوّف المجتمع، فإن كنت تريد الحفاظ على المجتمع والدين فيجب أن تفصلهما، وإلا سنعود إلى القرون الوسطى وصكوك الغفران وما شابه ذلك، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل الأخ الدكتور منصور محمد سرحان.
العضو الدكتور منصور محمد سرحان:
شكرًا سيدي الرئيس، أمامنا اليوم مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 26 لسنة 2005م المتعلق بالجمعيات السياسية، وأنا أرى أن هذا التعديل في غاية الأهمية والضرورة؛ لأنه مهم ليس للمجتمع فقط وإنما هو مهم للوطن أيضًا، هذا المشروع ليس جديدًا وإنما هو تطوير لتشريعات وقوانين سابقة ونافذة. أرجو ألا يعتقد البعض أن هذا التعديل موجه ضد رجال الدين الذين يعتلون المنابر، بل إن هذا التعديل يصب في صالحهم وينصفهم ويعطيهم الحرية الكاملة بدون تأثير أي جهة كانت في اختيار الطريق الذي يحبذون سلوكه. هناك طريقان لا ثالث لهما، الطريق الأول: البقاء في المنبر الديني لتقديم الوعظ والإرشاد وإصلاح ذات البين، وتلك مهمة أساسية وضرورية يحتاج إليها أبناء المجتمع، بل هو الطريق الأنسب والأهم لرجال الدين من خطباء المنابر. وأستطيع الجزم أن المجتمع البحريني بحاجة ماسة إلى هؤلاء الخطباء في هذه الأيام أكثر من أي وقت مضى. كلنا يعلم ــ كما أشار الشيخ عادل المعاودة والسيد ضياء الموسوي ــ أن داء الطائفية الخطير الذي يعد معول هدم الأوطان وتدمير المجتمعات وتكوين البيئة الصالحة للأعمال الإرهابية وزرع بذور الفتنة والشقاق بين أبناء المجتمع الواحد، هذا الداء أخذ يطل علينا من شقوق جدران الوطن، وأصبحنا بحاجة ماسة إلى رجال الدين من خطباء المنابر بصورة خاصة ليقوموا بواجبهم الديني المتمثل في الوعظ والإرشاد، ومحاربة الطائفية بكل أنواعها وألوانها، والقضاء على هذه الفتنة في مهدها والاعتصام بحبل الوحدة، فهل هناك أقدس من هذه المهمة؟ وهل هناك أقدس من المطالبة بالوحدة ولمّ الشمل؟ سيدي الرئيس، الوحدة هي أساس كل شيء، هي أساس بناء المجتمع، الوحدة هي التي تقود إلى الديمقراطية وليس العكس، الوحدة هي التي تمنحنا الازدهار والأمن والاستقرار والتطور في جميع مناحي الحياة سواء النواحي الاقتصادية أم الاجتماعية أم الفنية... إلخ؛ لهذا نرى كل الأديان السماوية في كتبها المقدسة ــ التوراة والإنجيل والقرآن ــ تتناول الوحدة. في قرآننا الكريم يقول الله عز وجل في سورة آل عمران: واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا كما أن أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام تحث على الوحدة، فقد روي عن عنبسة بن سحيم الكلبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه»، إذن هذه هي أهمية الوحدة؛ لأنها هي التي تبني المجتمع، فإذا وجدت الوحدة فإن المجتمع سيكون بخير، لن نرى إرهابًا ولا مشاكل اقتصادية أو غير اقتصادية أبدًا. الطريق الآخر: هو أن يختار رجل الدين مباشرة العمل السياسي، وهي مهمة وطنية أيضًا، إلا أنه في هذه الحالة عليه أن يتخلى عن صعود المنبر، وهو بهذا يتخلى عن واجبه الديني المتمثل في الوعظ والإرشاد الذي ذكرته سلفًا، وتكمن صعوبة هذا الطريق في قيام خطباء المنابر بربط الدين بالسياسة في كل الأمور، وفي كل مفاصل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والعلمية... إلخ؛ الأمر الذي يؤدي إلى الخلط بين الدين والسياسة في كل شيء، سواء كان له علاقة بالدين أم لم تكن له علاقة، على غرار ما كانت تقوم به الدول الثيوقراطية، التي نشأت في غرب أوروبا في العصور المظلمة، وأدى ذلك إلى تحكم الكنيسة في أمور الدولة مما عقد مسيرة تطوير الحياة وأوجد المشاكل والاضطرابات ونشوب الحروب، إلى أن توصلت الدول الغربية إلى إبعاد هيمنة المؤسسات الدينية عن التدخل في المجال السياسي، الأمر الذي أدى إلى نهضة دول غرب أوروبا، وبزوغ فجر الحضارة الحديثة المتطورة التي تنعم البشرية اليوم بقطف ثمار تطورها العلمي والتقني. إن الموافقة على توصية اللجنة واجب وطني لأنه ينصف رجال الدين ورجال السياسة في آن واحد، وهو الأمر الذي يصب في مصلحة الوطن والمواطن، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل الأخ عبدالرحمن محمد جمشير.
العضو عبدالرحمن محمد جمشير:
شكرًا سيدي الرئيس، أشكر الأخ عادل المعاودة صراحةً على مداخلته، وأشكره أكثر على شجاعته فيما قاله، حيث إنه بدأ بنفسه، هو رجل دين، وفي الوقت نفسه لديه منبر، كما كان أمينًا عامًا لجمعية سياسية، لقد بدأ بنفسه في مداخلته، وهذا موقف يشكر عليه، وحبذا لو تبدأ جميع الجمعيات السياسية وجميع رجال الدين في البحرين بتطبيق هذا القانون قبل صدوره، وأن يفصلوا المنبر الديني عن السياسة. كما قال الأخ عادل المعاودة إن هذا القانون لا يمنع الإنسان المتدين من العمل السياسي، إنما يمنع المتصدّر للمنبر الديني من العمل السياسي. القانون جاء لتنقية القانون الحالي من بعض الشوائب التي صاحبته. الكثير من الجمعيات السياسية نشأت على أساس ديني طائفي، وهذا مرض أصابنا وأصاب المجتمع بخلل، ولذلك يجب علينا أن نبادر بعلاجه وأن تبادر الجمعيات السياسية بعلاج نفسها، وأن تعلن فصل المنبر الديني عن السياسة، وأن تقبل بتطبيق هذا القانون. إن حزب النهضة في تونس ــ والأخبار كلها موجودة ــ قد أعلن فصل الدين عن السياسة، وصار يعمل في السياسة والدعوة والإرشاد في عمل آخر، فحبذا لو تقوم جمعياتنا السياسية كلها بالعمل نفسه، وألا نتبع الفتاوى أو ما يقوله المرشد العام فيما يوجهنا إليه في عملنا السياسي، فالعمل السياسي يختلف عن العمل الديني، وهذا القانون جاء أساسًا لحماية المنابر والمساجد من العمل السياسي، فأتمنى على جميع الجمعيات السياسية الموجودة في مملكة البحرين أن تطبق هذا القانون قبل صدوره، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضلي الأخت سوسن حاجي تقوي.
العضو سوسن حاجي تقوي:
شكرًا سيدي الرئيس، والشكر موصول إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية على هذا التقرير، فقد وُفّقوا في التوصية التي توصلوا إليها، وأيضًا أشكر مجلس الشورى بأعضائه السابقين، الذين قدموا هذا المقترح بصيغة مقترح بقانون، الذي وصل إلى مجلس الشورى اليوم بصيغة مشروع بقانون من قبل الحكومة الموقرة. كل قانون يوضع من أجل تنظيم معين، وقانون الجمعيات السياسية جاء لتنظيم العمل السياسي، وله أهدافه وله شرائحه في المجتمع التابع له. العاملون في الدين أيضًا ينتمون إلى جمعيات دينية ولهم أهداف سامية في الوعظ والإرشاد، ولكن استُغلت اليوم بعض الثغرات القانونية الموجودة في قانون الجمعيات السياسية لمآرب أو لمصالح أخرى، في أي طائفة كانت ولا أتكلم عن طائفة واحدة، لأن المنبر الديني استُغل في الشحن وتأجيج الشارع مما أدى خلال السنوات الخمس الماضية إلى أمور كثيرة. هذا المشروع جاء لسد الثغرات وليوجه العاملين في المجال السياسي لعملهم، وفي المجال الديني لعملهم، لذا أتطلع من السادة الأعضاء
ــ كما وافقوا أو سوف يوافقون على هذا القانون بإذن الله تعالى ــ أن يوافقوا أيضًا على القانون الآخر الذي يأتي بعد هذا القانون، والذي يقصد فيه الجمع بين عضوية الأندية والجمعيات الأهلية. لدي سؤال موجه إلى معالي وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف: اليوم نحن أعضاء السلطة التشريعية نعمل في عدة مجالات، سواء كانت سياسية أو غيرها، فالمجالات مختلفة بحسب القوانين التي تحال إلينا، بعض الأعضاء ــ ربما ليس لدينا في مجلس الشورى ولكن في مجلس النواب ــ يعتلون اليوم المنبر الديني، فكيف سيتم التعامل معهم؟ هل سنبدأ بهذا القانون من خلال تطبيقه على هؤلاء؟ كون هذا القانون سيخرج من السلطة التشريعية فيفترض أن نبدأ بأنفسنا قبل تعميمه على الناس، وذلك سيكون خير بداية، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل معالي الأخ الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف.
وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف:
شكرًا معالي الرئيس، بداية أود أن أشكر مجلسكم الموقر ومعاليكم على هذا الاقتراح بقانون الذي أتى من هنا ثم تحول إلى مشروع قانون، والآن بعد إجازته من قبِل النواب أتى إليكم، أعتقد أن مشروع القانون هذا بالفعل يحفظ الدين من أن يُسيّس، فالسياسة لا تتدين، وإنما الدين هو الذي يُسيّس، فأعتقد أنه علامة فارقة في العمل السياسي بالنسبة إلى الجمعيات السياسية. الكثير من المداخلات توضح الكثير من الأمور ولكنني أيضًا بصفتي وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف يجب أن أعلق تعليقين: التعليق الأول هو: ما الفرق بين فصل الدين عن السياسة وفصل المنبر الديني عن العمل السياسي؟ الفرق هو أننا ــ بصفتنا مسلمين ــ حتى الآن لم نحسم أمرنا. مثلاً لو أن أحدًا مثل (بيرنارد لويس) يقول إن الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية لا يمكن لها أن تنمو لأن الإسلام موجود هناك، والديمقراطية تعني أن يكون المنطق أو الـ(reason) هو الأساس في اتخاذ القرار، ولكنه تبعًا للشريعة الإسلامية فهناك الكثير من الأمور التي يجب أن تؤخذ كما هي. في الطرف الآخر بعض المحدثين في هذا الأمر مثل الدكتور محمد عمارة الذي شكك في العلمانية ثم قال إننا نريد أن ندرس ظروفنا في ضوء ديننا الحنيف، وأعتقد أن مسألة المسلمين وكيف يتعاملون مع دينهم في حياتهم هي مسألة دائمًا فيها تطوير ومعاناة وجهد، ونحن الآن أحوج إلى أن ننظر إلى ديننا بشكل جديد يصحح الكثير من ممارساتنا الخاطئة التي أدت إلى نمو التطرف والتشدد وعدم التسامح، لكن لا يعني ذلك أن المثلث المتعلق بدولة مدنية موجود، ويجب أن يكون موجودًا دائمًا، وأضلاعه ثلاثة، الضلع الأول يتعلق بحرية المعتقد، وحرية المعتقد موجودة، الضلع الثاني يتعلق بحرية ممارسة الشعائر، وحرية هذه الشعائر موجودة ما لم يتعلق أو يخالف ذلك النظام العام، والضلع الثالث هو فصل الدولة عن الدين، هذا الضلع الذي نقول دائمًا إنه ضلع العلمانية ولكن بالنسبة إلينا الدين جزء من هوية هذا الوطن الذي يتمثل في مواطنيه؛ ولذلك الدولة المدنية بمعنى أن رجل الدين له دخل في اتخاذ قرارها ليس موجودًا في البحرين. البحرين دولة مدنية وهناك دستور ومؤسسات وهي التي تعمل في هذا الأمر. فقط لكي لا يثار خلاف أو بعض الناس تأخذه إلى مكان آخر فيما يتعلق بهذا القانون، القانون يتكلم عن الجمعيات السياسية وفصل المنبر الديني عن العمل السياسي فيما يتعلق بهذه الجمعيات. أما ما يتعلق بالسادة النواب مثلاً كما ذكرت الأخت سوسن فهناك ما يمنع النائب أثناء فترة ترشحه من أن يعتلي المنبر الديني، وهذا الأمر موجود حتى لا يؤثر ذلك في الزخم السياسي الذي يعطيه لنفسه أثناء الانتخابات. كيف سيتم الأمر بعد إقرار هذا القانون؟ من الممكن أن يتم بطريقتين: أن يكون هناك قانون ينص على هذه المسألة أو أن تشمل ضوابط اعتلاء المنبر الديني ألا يكون عضوًا في السلطة التشريعية أو القضائية أو التنفيذية، ولكنها خارج موضوع القانون. القانون يتعامل في مسألة عدم الجمع بين عضوية جمعية سياسية واعتلاء المنبر الديني أو القيام بالوعظ والإرشاد في هذا المجال. أرجو أن أكون قد أوضحت هذه النقطة، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل الأخ درويش أحمد المناعي.
العضو درويش أحمد المناعي:
شكرًا سيدي الرئيس، وأشكر اللجنة على هذا التقرير، وأقول جزى الله خيرًا الأخ عادل المعاودة فقد كان واضحًا. طبعًا الاختيار بين إدارة الجمعيات السياسية والدين أُؤيده 100% لكنني أطالب من هذا المنبر بأن يطبق هذا القانون عندما يصدر بحذافيره بعيدًا عن التهاون حتى تكون للدولة هيبة، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل الأخ خميس حمد الرميحي.
العضو خميس حمد الرميحي:
شكرًا سيدي الرئيس، بصفتي نائب رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية التي درست المشروع قد لا نتفق تمامًا مع ما تفضل به الإخوة من مجلس النواب من إجراء التعديلات ولكن دائمًا يقال الغاية تبرر الوسيلة، أعتقد أن الغاية أسمى في المشروع من تعديل كلمة هنا وكلمة هناك؛ لذلك ارتأت اللجنة أن تمرر هذا المشروع كما جاء من مجلس النواب مع أن هناك اختلافات في وجهات النظر في التعديل الذي أجري في مجلس النواب، ولكن في النهاية المشروع توافقت عليه اللجنة كما جاء من مجلس النواب، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضلي الأخت سوسن حاجي تقوي.
العضو سوسن حاجي تقوي:
شكرًا سيدي الرئيس، لو تسمح لي أن أعيد السؤال مرة أخرى على معالي وزير العدل بشكل آخر. اليوم بعض الأعضاء في السلطة التشريعية وبالأخص في مجلس النواب أعضاء في جمعيات سياسية ويعتلون المنابر الدينية، ما العمل معهم؟ وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل معالي الأخ الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف .
وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف:
شكرًا معالي الرئيس، أي شخص يعتلي المنبر الديني أو يقوم بمهام الوعظ والإرشاد لا يجوز له أن يجمع بين هذا وبين عضويته لجمعية سياسية، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل الأخ عادل عبدالرحمن المعاودة.
العضو عادل عبدالرحمن المعاودة:
شكرًا سيدي الرئيس، يجب المعرفة والعلم أن الله عز وجل غالب على أمره، ولا يظن ظان أنه يستطيع أن يحارب الله عز وجل. دين الله عز وجل لا يأتي بنصرة الملائكة وإنما بنصرة الناس، كما حج علي الخوارج عندما احتجوا عليه بالفهم السقيم أنه قَبِل بالتحكيم، بل كفروه وهو أبو سيدا شباب أهل الجنة، وقالوا رضي بتحكيم الرجال، وهذا من جهلهم، فهل القرآن يتكلم بذاته أو يتكلم به الرجال؟ وهكذا يؤتى الإسلام من الفهم السقيم.
وكم من عائب قولاً صحيحًا وآفته من الفهم السقيم
المشكلة هي التطرف في الأفهام، لكن التطرف للأسف بسبب الآلة العلمانية وليست علمانية غايتها دين بل غايتها التفسخ. انظر إلى الغُثاء الإعلامي الممجوج إنسانيًا قبل أن يكون دينيًا، لذلك للأسف نفتعل الحق. أقول إن رجال دين في البحرين قام على أكتافهم المشروع الإصلاحي، يجب ألا نقلب لهم ظهر المجن، ويجب ألا نأخذ الصالح بالطالح، رويدك. أنا أفتخر أن أن أقول في بلدي إن أول حامٍ بعد الله عز وجل للدين هو جلالة الملك، والضمانة الإنسانية عندنا في هذا البلد رأس القيادة، فلا مزايدة على الدين. طبعًا الكلمات والتبهرج في الكلمات هذا شيء ثانٍ، واضح. نحن نظرنا إلى جانب إيجابي، وهناك جوانب سلبية في المشروع تغاضينا عنها لمصلحة البلد، هناك جوانب لا نوافق عليها تغاضينا عنها وتعديناها لمصلحة البلد، ولكن من يحلم بأن يعطل الدين بقانون أو بغير قانون فهذا إنما يثير الغبار ليحجب الشمس، وإنما يثير الغبار على رأسه، سيرجع على رأسه. الدين قدر الله عز وجل. ﴿يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون﴾ هذا قدر الله عز وجل، لكن ليس الذي يتاجر بالدين فقط في السياسة، يتاجرون بالدين في أمراض الناس، إذن لنغلق المستشفيات لأن هناك من يداوي بـ«البصق»، هذه متاجرة أيضًا بالدين، ونحن وقفنا ضدها وحاولنا أن نمنعها وتم الدفاع عنها للأسف، مشعوذون. فإذا كانوا يشفون من كل شيء فقد فاقوا تمرة العجوة، لنغلق المستشفيات ونضع لنا قراءة والمرضى تأتي وتبصق وتروح البيت بدون حبوب أو إبر. فأقول لا نفكر في محاربة الدين بل يجب أن ننظم من يستغل الدين للإثارة الطائفية أو لتشويش مساجد أو للتفريق بيننا، هذا الذي يجب أن نقف ضده. يستغل الدين لأي شيء. ربما تضحك معالي الرئيس، نعم العسل الكيلو بـ 15 دينارًا، والمقري عليه بـ 20 دينارًا. لعب على عقول الناس، موجود وإذا أردتم بعطيكم تخفيض بـ 100 دينار. والله هذه متاجرة نرفضها، لكن أن نقول ديننا وبلدنا، الحمد لله كما ذكر معالي الوزير أصل البلد متدين وقيادتنا متدينة. معالي الرئيس، أقول حنانيك حنانيك لا نجعل الحرب بيننا وبين الدين، بل يجب أن تكون الحرب بيننا وبين من يتاجر بالدين. داعش ماعش خارش أيًا كان، من يتاجر بالدين نحن ضده. أما قضية التزام الناس فلا نستطيع أن نجعل كل الناس صحابة، إن عليك إلا البلاغ. نحن نبلغ وننصح، هذا سيأخذ 100% والآخر 50%، ندعو للهداية، هذا ديننا الذي نعرفه، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل الأخ جاسم أحمد المهزع.
العضو جاسم أحمد المهزع:
شكرًا سيدي الرئيس، من باب المحبة تقدم مقدمو الاقتراح بمشروع مثل هذا ليبينوا مكانة رجال الدين في مملكتنا الحبيبة، وليس لتهميش رجال الدين أو إبعادهم عن السياسة. السياسة معروفة ومعروف رجالها، والدين معروف ورجاله معروفون. رجال الدين لمكانتهم الكبيرة في نفوس أهل البحرين الكل يسمع لهم والكل يحسب لهم من التقدير والاحترام الشيء الكثير. نحن لم نضع مثل هذه القوانين ــ أو من تقدموا بهذا الاقتراح ــ إلا محبة في الدين، ولم نقل إننا سنضع هذا القانون وسنمنعهم، بل قلنا الفصل بين الدين وبين السياسة. الذي يريد السياسة دربها معروف وواضح فليذهب إليه، والذي يريد الدين ويريد أن تلجأ الناس إلى دربه فدربه معروف وواضح. لا نجعل الميزان يهتز بحسب الرغبة، بحيث في الوقت الذي أريد أن أكون مطوعًا أكون مع رجال الدين وأعمل عسلاً (مقري عليه) كما قال الأخ عادل ويكون سعره 120 دينارًا، ويوم الذي ليس فيه دين سأكون سياسيًا وبركب رأي الناس. لا يوجد أفضل من الاعتدال، وهذا ما نريده. نحن محتاجون إلى هذا القانون للظروف التي تمر بها المنطقة وللظروف التي تمر بها البلاد، ونحن لم نضعه إلا بعد تجارب مريرة مررنا بها لا نريد ذكرها. نحن مع القانون الذي يحمي الناس ويحمي رجال الدين قبل غيرهم ويحمي السياسيين. قانون جيد ويحتاج إلى دعم، وهذا القانون لم يوجد إلا لمصلحة البلد ومصلحة المواطنين، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل معالي الأخ الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف .
وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف:
شكرًا معالي الرئيس، فقط هناك بعض النقاط وفي عجالة أود أن أؤكدها. كلمة الأخ عادل عندما قال الحرب بيننا وبين من يتجر بالدين أو يتاجر به، وهذا هو الصحيح. الحرب بيننا وبين من يحارب الله باسم الله، من يتخذ من اسم الله عنوانًا لحربه ضد الله، وبالفعل من يريد أن يعطل الدين لن يجد له موطئ قدم بإذن الله بيننا، وفي أي دولة بها مسلمون. هذا كله وهذا القانون كله البعض يريد أن يأخذه إلى مكان وكأن مقدمي الاقتراح أو المجلس أو المجلس المنتخب أو الحكومة ضد رجال الدين. في الحقيقة أيضًا كلمة أخرى أشار إليها الأخ عادل وهي أن هناك غثاء إعلاميًا وتفسخًا وتطرفًا، وهو بالفعل يقتضي أن يكون هناك رجل دين يرجع إليه الجميع، يحترمونه ولا يحزب منبره، بحيث لا يكون عضوًا في جمعية سياسية ويرى الجمعية السياسية أين ذاهبة ويبدأ بالذهاب إليها. الناس تحتاج إلى شخص يمثل الأخلاق بمعناها الأسمى، الذي نزل به الدين إلينا لكي يكملها أو يتممها، ولذلك هذا الاقتراح بهذا الشكل أتمنى أن يجد سبيله إلى النور وأن تكون السلطة التشريعية هي فعلاً أداة رقابة ومتابعة لكيفية تطبيقه، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، تفضل الأخ مقرر اللجنة.
العضو الدكتور أحمد سالم العريض:
شكرًا سيدي الرئيس، لدي تعليق على ما تم طرحه من قبل الإخوة الأعضاء ومعالي وزير العدل. نحن في اللجنة ناقشنا هذا المشروع بدقة وكان هدفنا هو حماية هذا المنبر، هذا المنبر اسمه منبر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويجب ألا يُصعد عليه إلا للإرشاد وتوجيه المسلمين إلى غايات الدين، نحن لم نناقش منع رجال الدين من الاشتغال بالسياسة، فمن يريد من رجال الدين أن يناقش السياسة فهناك منابر أخرى، مثل منابر الجمعيات ومنابر النوادي، وعندما يريد رجل الدين أن يبين أمورًا سياسية ويتبناها فلا يستخدم هذا المنبر لهذه الغاية، وهذا ستجدونه فعلاً في المواضيع التي سنطرحها الآن من خلال تصويتنا على مواد هذا المشروع، وشكرًا.
الرئيـــــــــــــــس:
شكرًا، هل هناك ملاحظات أخرى؟
(لا توجد ملاحظات)